الثلاثاء، 12 فبراير 2013

نسيان

ثلاث سنوات مرت . مرت وكأنها مجرد ليلة عابرة عاش معانيها
وتغلغل داخلها . يرشف من عبق ماضيها ما يؤنس الوحدة ويحيى 
الذكريات.
بعد تلك الفترة يراها مجددا ، وللوهلة الأولى يراها أمامه وكأنها 
طيف عابرراوده فى حلم جميل . لم تتغير الملامح نفس الإبتسامة 
الهادئة نفس الوجه الطفولى البرىء ، أحيت داخله ماض دفين 
كان يظنه سحيق .
تتابعت الأحداث فى ذهنه " صور وحكايا ومشاعر ثائرة لا تهدأ
أحلام وآمال وطموحات وأهداف واراها الثرى وطمسها الحاضر ".
كان يظن أن الماضى لن ينتهى وأنه سوف يظل عالقا فيه للأبد ،
لم يكن يدرى أن الوقت ينفد والعمر يجرى والأحداث تسابق بعضها ،
ولكنه وحده امتطى جواد الغفلة حتى سبقه الزمن وظفر به الوقت 
العتيق . 
ولكنه اليوم استيقظ بعد رحلة نوم عميق بين ثنايا الماضى ورفات 
الأحلام .. هى وحدها أيقظته وانتشلته من ثبات عميق دام مدار 
سنوات .
كان يظنها لن تتذكره واعتقد انها مثله نسج عليها الماضى خيوط النسيان.
جال فى خاطره .. هل مازال فى القلب متسع لإحياء الذكريات .. ؟ 
أم أنه ملأه أثقال الماضى وهموم الحاضر .
ترى ..لو أن العقل ينسى ويطبق واقعية الحياة .. فهل ينسى القلب .؟
أم أنه مجرد تناسى للمشاعر وتجاهل للأحاسيس.
يقولون أن المشاعر تتدفق ، ولكنه كان يزعم التجاهل ويتصنع الجلد 
والصلابة . ولكنه الآن يشعر أن الذى يتدفق داخله ليس تدفق للدم بل تدفق 
لفيض من المشاعر . الآن فقط قد آمن .
حاول الإقتراب منها عله يجد من يحتضن سيول المشاعر والأحاسيس 
المتدفقة .. حاول الإقتراب ومن داخله صراع مرير بين واقعية العقل 
ومشاعر القلب .
تمنى للحظه أن يكون مازال داخلها بقايا من رفات الماضى ، لعله يحرك 
ساكن مابقى من مشاعر تسكن زاوية من زوايا القلب . وهو يخاف أن تغلق 
عليها أبواب النسيان .
وعلى الرغم من محاولات الإقتراب .. قطعت هى تلك المحاولات بتلك النظرة 
المفاجئة .. ونظرت إليه .. وعندها رأى بريقا عجيبا حمل كل أحداث الماضى 
" نظرات عابرة ، ومشاعر مضطربة ، أشجان ، احلام ، احاسيس " كادت 
تنسى فى زحام الحياة ووسط ركامها .
وهنا سكت الكلام وتحدثت العيون بنظرات أعادت الماضى دفعة واحدة ، وساد 
صمت مدقع وكأن الزمن قد توقف وتوقفت معه أحداث الحياة ولم يبقى سواهما .
ولكن انهدم جدار الصمت دفعة واحدة ، عندما رأى تلك الحلقة الذهبية فى أصبعها 
والتى تخبر بلسان حالها أن الرحيل قد حان وأنه لم يعد فى القلب مكان .
وهنا وعند هذه اللحظة عادت الحياة مرة أخرى بصخبها وأحداثها وأخذ الوقت 
يجرى وكأنه فى سباق مع الحياة .. وتلاشت النظرات .
ودون أن يتكلم أحدهما أو ينبس ببنت شفه أدار كل منهما ظهره للأخر .. وتحركت 
الأقدام بخطوات مهشمة مكسورة يكسوها الخذلان معلنة انتصار الحاضر .
وعلم وقتها أن المشاعر تتدفق فعلا .. ولكن الزمن لا يتوقف والحاضر يفرض 
سيطرته وسطوته .......
وهنا قرر التناسى 
لا بل قل قرر النسيان ..........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق